طهران، 19 مارس – سبوتنيك، محمد إسماعيل.

يبدأ الإيرانيون، غدا الأربعاء، إحياء عيد النوروز، حيث يبدأ العيد المتجذر في ثقافة الشعب الإيراني منذ قرون طويلة عند حلول السنة الشمسية التي توافق فلكيا الانقلاب السنوي الربيعي، والذي يحل الساعة 6:36 صباحا 20 آذار/مارس الحالي، ويمتزج هذا العيد بمرارة الأعباء الاقتصادية التي تسببت بها العقوبات الغربية على بلادهم.ومع بداية العام الإيراني الجديد، تبدأ احتفالات وطقوس عید النوروز المتأثرة بموروث تناقله الإيرانيون عبر أجيال، ویسعی الكثيرون في هذا العيد لإحياء هذه الطقوس والتمسك بهذا الإرث ونقله لجيل المستقبل .

لكن مرارة العقوبات الاقتصادية وضعف القدرة الشرائية لدى الشعب، أدت إلى ذبول العيد لدى الإيرانيين رغم ترافق زحمة السير الخانقة التي تعيشها العاصمة طهران وبعض المدن الأخرى قبل بداية العيد مع مرارة الظروف والغلاء الفاحش جراء العقوبات المفروضة على هذا البلاد منذ سنوات والتضخم الكبير في الأسعار وارتفاع أسعار المواد الغذائية.

هنا في العاصمة طهران، لم يخفي البائعون والمتبضعون مرارة أثار هذه العقوبات، وتأثير عدم قدرتهم الشرائية قبل العيد.يقول بارسا نور بخش البالغ من العمر 35 عاما في حديثه لـ"سبوتنيك": إن "الإقبال على التسوق ضعیف للغایة والأسعار ارتفعت إلى ثلاثة أضعاف ولم نعد نستطيع شراء المواد الخاصة بالعید کما في السابق".ويضيف:"اكتفينا بشراء الحاجيات الرمزية للعام الجديد، ولن نستطع هذا العام كما العام السابق السفر الى لزيارة أقربائنا في المدن الأخرى".ومن جهته يقول بائع خضراوات وفواكة لـ "سبوتنيك"، "بسبب الضغط الاقتصادي خلال السنة الجارية والذي حد التضخم بنسبة 400% في الواقع و44% حسب الإحصائيات الرسمية شهدت هذه السنة وخاصة فترة قبل العيد ضعف بحركة الشراء بشكل كبير".

"سفرة السبع سينات والوضع الاقتصادي":یقیم الایرانیین في هذا الصدد "س فرة" تضم سبعة أشياء کلها تبدأ بحرف السين (تسمى بالفارسیة هفت سین).الأشياء السبعة تبدأ بحرف السين باللغة الفارسية وهي:(سرکه) وتعنی الخل، و(سیب) وتعنی التفاح، (سکه) وتعني قطعه نقدیه معدنیه، (سیر) وتعني الثوم، و(سبزه) وتعني العشب أو الخضرة، (سماق) وهو نفسه في اللغة العربیة السماق، ونوع من الحلوى يسمى"سمنو" یطبخ من براعم القمح بطريقة خاصة عند الإيرانية.والنوروز بحد ذاته کلمة فارسیة مركبة من "نو"بمعنی جدید و"روز" وتعني یوم، ویعتبر الإیرانیون حلول النیروز مع قدوم فصل الربیع وتفتح الزهور رسالة تحمل التفاؤل والحب والأمل والسلام.

الإيرانيون هذا العام خلافا للعام السابق أقبلوا بكثرة على الأسواق للتحضير لعيد النوروز ورغم الضغوط الاقتصادية الكبيرة وغلاء الأسعار بشدة بسبب العقوبات الغربية لم يمتنع الميسورون والطبقة الضعيفة من النزول للأسواق والتجهيز للاحتفال بالعيد حتى بالحد الأدنى.

لكن نوروز هذه السنة لم یشهد زخم التبضع کما جرت العادة في السنوات السابقة، حيث طغى تأثير العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على إیران في عام 2022 ضغوطا كبلت أيدي المواطن الإيراني وقللت من قدرته الشرائية بشكل كبير.

وتقول مرضية اسطخلي المحاسبة بأحد المحال التجارية للمواد الغذائية في سوق طهران الكبير لـ سبوتنيك: "لقد بدأنا السنة الجديدة في نوروز الماضي بالعقوبات وانتشار فيروس كورونا والحصار والتضخم والعديد من المشاكل الأخرى التي أدت الى القضاء على فرحة العيد".وأضافت: "في هذه السنة أيضا عندما لا تستطيع شراء حاجيات العيد بسبب قلة الدخل مقابل التضخم والغلاء بشكل كبير مقابل القدرة الشرائية لدى الموظف فهذا ايضا أدى إلى إضعاف فرحتنا في العيد".

وتفاقمت الأزمة الاقتصادية وأدت الى مشاكل اجتماعية كبيرة على مستوى البلاد، حيث رصدت سبوتنيك في الأيام الماضية في العاصمة طهران وفي أصفهان ومحافظات أخرى تشكل صفوف طويلة، أمام المتاجر التي تبيع مواد غذائية وفواكه وخضراوات مدعومة من الحكومة وخاصة مراكز بيع الدجاج واللحوم.

ويحتفل بعيد النوروز نحو 300 مليون شخص يعتمدون هذا التقويم عبر العالم، في بلدان إيران، وأفغانستان وكازاخستان، ولدى أكراد تركيا والعراق.ورغم إقرار المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران، علي خامنئي في خطابه بمناسبة عيد نوروز العام الماضي، بأن الإيرانيين يشعرون بـالمرارة إزاء الأسعار المرتفعة، خصوصا أسعار الطعام والسلع الأساسية، إلا أن حكومة الرئيس الحالي إبراهيم رئيسي تشير إلى صمود الاقتصاد الإيراني معلنة عن نمو كبير خلال عام 2023، بلغ 5.4 بالمئة، بحسب صندوق النقد الدولي، مستندا إلى زيادة إنتاج النفط الذي يصدر بشكل رئيسي إلى الصين.وللسنة الثانية على التوالي، يتزامن عيد نوروز مع شهر رمضان الذي بدأ في إيران يوم 11 آذار/مارس.